إعترافات سرية منصة توفر دعما نفسياً لكل صاحب تجربة , لكل باحث عن إجابة , لكل من يريد استفساراً .
اعتراف #ar_confessions_488
أنا كنت إنسانة عادية، يعني مش ملاك ولا شيطان، بس بنت بتحب تحب وتنحب، كنت دايمًا أشوف البنات حواليا بيتزوجوا وبيتحبوا وبيعيشوا علاقات وأنا على جنب، ولا عمري كنت جريئة كفاية إني أبدأ علاقة أو أفتح قلبي لأي حد، لحد ما جه اليوم اللي غير فيا كل شي، غيرني من جوا وخلاني وحدة تانية، وحدة ما بعرفها، ولا عمري تخيلت أكون هي.
القصة بدأت ببساطة، طلب صداقة عالفيسبوك من شاب غريب، مشتركين في جروب أدبي، صورته كانت عادية، بس تعليقاته كانت بتشد، طريقته بالكلام بتخليكي تحسي إنك مهمة، إنك مميزة، ومع الوقت، بقيت أستنى تعليقاته على بوستاتي، وبعدين صار يكلمني خاص، ونتكلم عن الأدب، عن الحياة، عن الوحدة، وكل كلمة منه كانت كأنها بلسم على جرح قديم جواتي.
كنت في لحظة هشاشة، محتاجة حدا يسمعني، يحتويني، يفهمني، وأنا اللي طول عمري كنت أتهرب من العلاقات، فجأة لقيت نفسي مستسلمة، بعطيه كل اهتمامي، وصرت أتعلق فيه يوم بعد يوم، نحكي بالساعات، وكنت أشعر إني لقيت نصفي التاني، مع إنه إحنا ما شفنا بعض أبدًا، بس إحساسي تجاهه كان حقيقي أكتر من ناس قابلتهم وجها لوجه.
بعد كم شهر من الكلام، اقترح نلتقي، وأنا وقتها ترددت كتير، بس قلبي كان سبق عقلي من زمان، وفعلاً التقينا، وكان كلشي فيه ساحر، كلامه، ضحكته، لمعة عيونه لما يطلع فيني، ولأول مرة بحس إني مرئية، إني مش مجرد إنسانة عابرة، حدا شايفني وبحبني.
بس اللقاء ما وقف عند الكلام، ما قدرنا نتحكم في مشاعرنا، لحظة ضعف، لحظة احتواء صارت فيها الغلطة اللي غيرت حياتي كلها، صار اللي صار، بدون أي حسابات، بدون تفكير، وطلعت من عنده وأنا مش مصدقة إني سمحت لنفسي أضعف، بس كنت متمسكة بأمل إنه راح يتحول لعلاقة جدية، إنه راح يخطبني، إنه يمكن هالغلطة تتحول لبداية حياة مشتركة.
اللي ما كنت متخيلته، إنه يختفي.
أيوه، اختفى.
ببساطة.
بعد يومين من اللقاء، رسائله قلت، مكالماته انقطعت، وصار يتجاهلني، وأنا أرسل وأتصل وأترجى، وأبكي، ولا في رد، وبعدها بأسبوع، عمل بلوك.
كأنو كل شي كان وهم، كأني أنا اللي توهمت علاقة، كأني أنا اللي اخترعت كل المشاعر واللحظات.
دخلت في حالة انهيار، بكيت ليالي، وندمت على كل لحظة صدق عشتها معاه، وكل مرة فتحت قلبي، بس اللي دمرني أكتر، هو لما حسيت إنو في شي مو طبيعي، تأخرت علي الدورة، وما توقعت ولا فكرت، بس في شي بجسمي كان بيصرخ إني لازم أعمل فحص، وفعلاً عملته.
وطلعت حامل.
أنا، اللي عمري ما تخيلت أكون أم إلا بعد زواج، حامل من رجل ما بعرفه تمام، من لحظة عابرة، من غلطة قاتلة، ما قدرت أستوعب، قعدت قدام التحليل وأنا جسمي بيرتجف، قلبي عم يدق بسرعة، ودموعي تنزل بدون توقف، كيف بدي أواجه أهلي؟ شو راح أقولهم؟ مين راح يصدقني؟
ما قدرت أقول لأي حدا، ولا صديقة، ولا أخت، ولا حتى طبيبة، خبيت الخبر، وكنت بعيش كل يوم في رعب، أحط مخدة على بطني كل ليلة وأبكي، وأفكر في خياراتي، وكان الموت يمر على بالي، فكرة الانتحار كانت تلاحقني، بس كل مرة أتراجع، يمكن لأني جبانة، أو يمكن لأني كنت خايفة عالجنين اللي بجسمي، اللي صار جزء مني رغم كل شي.
مرق أول شهر، والتاني، وصار بطني يبين، وأنا صرت ألبس عبايات واسعة، وأتفادى الناس، كذبت على أهلي وقلت إنو عندي تعب بالمعدة، وعزلت نفسي عن الكل، وقلبي كل يوم ينكسر، مو بس من الحمل، بس من قهر الخيانة، من وجعي لوحدي، من خوفي اللي عم يكبر جواتي أكتر من بطني.
وفي يوم من الأيام، صار لازم أواجه، أمي شكت، وسألتني، وأنا ما قدرت أكذب، بس كمان ما قدرت أحكي الحقيقة، قلتلها إني غلطت، وبدون تفاصيل، ووقتها شفت نظرة بعيونها ما راح أنساها طول عمري، خيبة، كسر، وجع، بس كمان دمعة، حضنتني وقالتلي: “شو ما صار، إنتي بنتي.”
بس المشكلة ما كانت أمي، المشكلة كانت المجتمع، الناس، الحكي، والعار، وكل كلمة بترجموني فيها، حتى بدون ما يعرفوا القصة، حتى لو كنت الضحية، بهيك مجتمع، البنت دايمًا هي الغلط.
أبوي ما قدر يتحمل، وصار مثل الوحش، صراخ، تهديد، طرد من البيت، وكل العيلة قلبت علي، حتى خالاتي وعماتي، الكل صار يحكي عني كأني مجرمة، وأنا انكسرت، تهدمت، انهارت روحي، وهربت، رحت على مدينة تانية، واختفيت، سجلت اسم مستعار، وسكنت مع وحدة كبيرة بالعمر قبلت تاويني مقابل شغل بسيط معها.
وحيدة، حامل، خائفة، ومضطربة.
بس الغريب، إنو مع الوقت، صرت أرتبط بالجنين، أسمع دقات قلبه، أحس بحركاته، وأبكي، مو من الندم، من الخوف، من الحزن، من الوحدة، بس كمان، من شي صغير كان يشبه الحب، حبي لإبني اللي ما إلو ذنب.
اليوم، وصلت الشهر السابع، وما بعرف شو راح يصير، لا بعرف كيف راح أولد، ولا وين، ولا كيف راح أربيه، ولا شو راح أقول لما يكبر ويسأل: "بابا وين؟"
بس اللي بعرفه، إني ما راح أتخلى عنه، مهما كانت الغلطة كبيرة، هو مو غلطة، هو روح بريئة، وهو الشي الوحيد اللي طلع من تجربة دمرتني، بس خلّتني إنسانة أقوى، يمكن مكسورة، بس حقيقية، بعرف شو يعني تتوجعي، وتغتري، وتندمي، وتظلي واقفة رغم كل شي.