أنا نوري… وهاي الكلمة لحالها صارت عبئ على صدري، بتتخيل يعني تكون كلمة عاديّة بالنسبه للناس، بس إلي بتجر وراها حياة كاملة من النبذ والهم والتعب؟ أنا مولود بالمخيم، بزاوية من زوايا البلد اللي بنسوا يذكروها لما يحكوا عن الأردن، لا شوارع مزفّتة، لا مدارس محترمة، لا فرصة تحكي حلمك من غير ما يضحكوا عليك… أنا نوري، وكل مرّة أمدّ إيدي لوظيفة بقولولي “رح نرجع نتواصل معك”، وأنا عارف إنهم ولا مرّة رح يتواصلوا.
كبرت وأنا بشوف ابن الجيران يدرس طب وأنا اتمنيت بس أدرس إعدادي من غير ما يرموني بممرات المدرسة زي الزايد، دايمًا كنت “اللي مش منّا”، بالرغم إني مولود هون، وحياتي كلّها هون، ولهجتي زيهم، لبسي زيهم، بس عيوني بتحكي غير هيك، بتحكي نَفورهم، بتحكي الغصّة اللي جواتي كل ما أحاول أكون طبيعي.
جربت أغير اسمي، جربت أحكي إنو أمي من عمان، وأبوي من السلط، بس دايمًا بيوصلوا لأصل السالفة، دايمًا في حد سامع، أو حاكي، أو "ببحث". اشتغلت بشغل عالبسطات، ومرّة نادوني بعرس “جيبوا النوري يعزف مزمار”، ضحكوا، وأنا ضحكت معهم، بس قلبي وقتها كسر، كسر بمعنى الكلمة… لأنهم اختصروني بمهنة وعرق، مش بإنسان.
بحب وحدة من الحارة، بنت ناس محترمين، وبحاول كل مرة أكتم مشاعري لأني عارف لو عرفت أو لو عرفوا، رح يصير كل إشي حرام، وكأنه النوري ما بحقله يحب، ما بحقله يتجوز، ما بحقله يحلم ببيت وعيلة وولاد. أحيانا بحس إني عايش غصب، مشان أذكّرهم إنو لسه في ناس مش معتبرينهم “مواطنين”، مع إنهم أكتر ناس بيعرفوا معنى البلد والانتماء.
أنا مش ندمان على أصلي، بس ندمان إني عايش بمكان بيحاسبني عليه كل يوم، بنظرة، بكلمة، بإشارة… أنا نوري، بس كمان إنسان، كمان بحس، كمان بحلم، بس أحلامي متعلقة على حبل غسيل برة بيت العالم، كل ما تهب رياح الجهل، بتوقع، وبرجع أضبّها، وأحاول أحلم من أول وجديد.