اعتراف #ar_confessions_637

انا من لما كنت بالمدرسة وانا عندي معلمة بحبها بطريقة غريبة، مو حب عادي زي الطالب لمعلمته، لا، كان شي أعمق من هيك، كنت بحسها أقرب إنسانة ممكن تكون بحياتي، كنت أتمنى تكون أمي، كنت أتخيلها وأنا بالبيت، وأتخيل لو كانت هي اللي بتصحيني الصبح، هي اللي بتحضرلي الفطور، هي اللي بتعصب علي بحنية مش بعصبية، كنت لما تحكي معنا بالفصل بصوتها الهادي، بحس بشي جواتي يبرد، كأنها تطفي كل توتري، كل حزني، كنت أراقبها حتى بطريقة تمشي فيها، كيف تضحك، كيف تنادي كل طالبة باسمها، وكيف لما تغضب تظل ملامحها فيها طيبة، بحسها أحن من أمي، أمي ما عمرها كانت تحكيلي كلام حلو أو تحضني، بس هي كانت تعمل هالشي حتى لو بدون قصد، مرة كنت مريضة بالمدرسة وجلست لحالي، هي شافتني، جت جنبي ومسكت إيدي وقالتلي “ليش ما قلتيلي حبيبتي؟”، والله لهلأ بتذكر اللمسة تبعتها، كانت أول مرة أحس بحنان حقيقي، كأني طفلة صغيرة ضايعة و أخيرًا حدا لقاها.

من وقتها وأنا متعلقة فيها بطريقة مو طبيعية، كل يوم أصحى الصبح مشان أشوفها، ما كنت أحب المدرسة قبلها، بس لما صارت تدرّسني صرت أروح مبسوطة، ألبس أحلى لبسة، وأهتم بشكلي، مو لأني بدي أعجبها بطريقة غريبة، لا، بس لأني كنت بديها تلاحظني، بدي تكون فخورة فيي، بديها تبتسملي، لما كانت تمدحني قدام البنات أحس كأنو الدنيا كلها تزينت، ولما تتجاهلني يوم واحد كنت أرجع عالبيت وأبكي بدون سبب واضح، يمكن كان فيّ نقص عاطفي كبير بالبيت، يمكن كنت بحاجتها بطريقة نفسية أكثر من أي شي، كنت بشوفها مثالي الأعلى، وبنفس الوقت كنت بحس بشي بجواتي بخاف منه، بخاف إني متعلقة فيها زيادة، بخاف يوم تترك المدرسة وأعيش وجع غيابها.

ولما خلصت السنة وانتقلت صف ثاني، وما صارت تدرّسني، كنت كل يوم أطلع على باب صفها من بعيد، أسمع صوتها وقلبي يدق، مش حب مراهقة، بس شي يشبه الحنين، حنين لشي ما عرفته من قبل، كنت بحاول ألاقيها بأي حجة، حتى لو بس أمرّ جنبها، كانت لما تشوفني تقولي “وحشتيني”، وأنا أضل مبتسمة كأني بدي أبكي، هي يمكن ما كانت تعرف تأثيرها علي، يمكن بالنسبة إلها كنت طالبة عادية، بس بالنسبة إلي كانت الأم اللي ما حصلت عليها، الحنية اللي دايمًا تمنيتها، الحضن اللي ما عمره ضمني، كنت أتخيل لو هي فعلاً أمي، كيف كانت حياتي رح تكون، يمكن كنت أضحك أكتر، يمكن ما كنت أتعذب من الوحدة ولا من الصراخ بالبيت، يمكن كنت رح أكون بنت واثقة وسعيدة، مو مكسورة من جوّا.

كبرت وأنا بعدها بذاكرتي، كل مرة بشوف امرأة تشبهها بعيونها أو طريقة كلامها بحس قلبي يرجف، كأني بشوفها من جديد، لليوم محتفظة بورقة صغيرة كتبتلي فيها ملاحظة زمان قالتلي فيها “فخورة فيكي”، الورقة صفرِت بس بعدها عندي متل كنز، يمكن غريبة قصتي، بس هي الإنسانة الوحيدة اللي عطتني إحساس بالأمان بدون ما تعمل شي كبير، بكلمة، بابتسامة، بلمسة بسيطة خلتني أصدق إني أستحق الحب، يمكن ما راح تعرف أبدًا قديش بحبها، بس وجودها بعالمي غير فيّ أشياء كتير، علّمتني انو الحنان ممكن يجي حتى من غرباء، وانك ممكن تلاقي أمّك بروح حدا مو من دمك، بس حسّك إنك بنتو فعلاً.
تاريخ الإرسال: 2025-10-21 - 10:25:04
تمت الموافقة: 2025-10-21 13:29:38
عدد المشاهدات: 13

ردود الفعل

العودة إلى الصفحة الرئيسية

الإبلاغ عن الاعتراف

تم الإبلاغ عن الاعتراف بنجاح. شكراً لمساهمتك في تحسين الجودة.