اعتراف #ar_confessions_641

ما بعرف ليش بس من وانا صغير بحب اكون دايماً الشخص اللي الكل بيطّلع عليه، اللي بيضحكوا ع نكاته، اللي بيستنو تعليقه، اللي بيحسّوه "مركز الجلسة"، بحس براحة غريبة لما الاحاديث تلتف حواليي والكل يسمعني وانا بحكي، وكأنّي لازم أكون دايمًا البطل بأي مشهد حتى لو الموضوع بسيط أو حتى تافه، يعني لو كنا قاعدين مجموعة وبلش واحد غيري يحكي قصة والكل ضحك وتفاعل معاه، فجأة بحس نار بتغلي جوّاي، ما بقدر أتحكم فيها، ببلّش من جواتي أحقَد عليه وكأني هو سرق شي إلي، ببلّش أحاول أقطّع حكيه، أغيّر الموضوع، أجيب قصة أقوى، أضحك بصوت أعلى، أعمل أي شي يخلي الكل يرجع يطّلع عليّ.
مرّة كنا قاعدين بمطعم، مجموعة شباب من الشغل، واحد فيهم بلش يحكي عن تجربة مرّ فيها بلبنان، الكل كان مشدود، وانا قاعد حاسس قلبي بيغلي، حسّيت اني مش قادر اتنفس، وبدون ما أفكر، قطعت كلامه وبلّشت أحكي عن سفري لتركيا وكيف التقيت بمغني مشهور هناك، بس عشان أشوف وجوههم تتغيّر من عليه لعلي، ولما صاروا يسألوني أنا وانبسطوا بالحكي، حسّيت كأني رجعت أتنفّس، كأني رجعت مكاني الطبيعي.
الناس بتفكّر اني اجتماعي وواثق بنفسي بس بالحقيقة أنا بحس اني هشّ من جوّا، بخاف ينطوى عليّ النسيان، بخاف ما حدا ينتبهلي، بخاف أكون عادي، بحب الأضواء مش عشان الشهرة، لا، عشان لما الأضواء عليّ بحس اني موجود، اني شخص له قيمة، بس لما غيري يلمع، بحس اني ولا شي، حرفياً بحس اني انمحيت.
بتذكر مرّة بحفل زفاف، كنت قاعد مع مجموعة من الأقارب، وفيه واحد فيهم بلّش يغنّي ويضحك الناس، وصار الكل مركز معه، وأنا قاعد أبتسم من برّا بس من جوّا كنت بسبّه بكل الكلمات اللي ممكن تخطر ع بالك، وبعد شوي طلعت عالرقصة وسحبت المايك بلطافة وبلّشت أضحّك العالم بطريقتي، وما رجعت ارتحت إلا لما صرت أنا اللي الكل بيصورني وبضحك معي، بعدها لما شفت الفيديوهات بالانستغرام وأنا بالمقدمة، حسّيت بالرضا وكأنها جائزة.
حتى بحياتي الشخصية، لما حبيبتي تمدح شخص تاني مثلاً ممثل أو حتى صاحبها القديم، بحس قلبي بيتقلّب، ما بقدر أتحمل فكرة إنها شايفه حدا غيري مميز، بحسها خيانة، مو خيانة حب، خيانة اهتمام، كأني لازم أكون دايمًا المقارن رقم واحد.
مرات حتى بالمقابلات الرسمية بالشغل، لو شفت واحد تاني أخذ ثناء المدير أو مدح منه، بضل اليوم كله بحلل الموقف، وبكره الشخص، وبحاول بطريقة ملتوية أرجع الاضواء عليّ، أقدّم مشروع، أعمل عرض، أو حتى أحكي قصة تبهرهم، المهم أرجع أنا بالواجهة، ما بعرف أعيش بالظل، ما بعرف أكون خلف الكواليس، بحس اني لو اختفيت عن الساحة يوم الكل حينساني.
يمكن البعض يشوف هالشي مرض أو غرور، بس أنا بشوفه جوع، جوع نفسي غريب، جوع للانتباه، جوع للإحساس اني "حدا"، اني مش وجه بين ألف وجه، اني إذا حكيت الكل يسكت يسمعني، يمكن لاني كنت طول طفولتي ما حدا يسمعني بالبيت، كل حكيي كان يمرّ مرور الكرام، فكبرت وأنا بدي أكون الصوت اللي ما حدا يقدر يتجاهله.
بس الغريب، لما أكون لحالي بالليل، بعد كل جلسة كنت فيها وسرقت فيها الأضواء، بحس بتعب، بتعب نفسي غريب، كأنّي ركضت ماراثون بدون ما أتحرك، بحس اني كنت بامثل طول الوقت، وبس أرجع البيت برجع إنسان فاضي، لا تصفيق، لا ضحك، لا انتباه، بس أنا وصمتي، ويمكن هون الحقيقة اللي بخاف منها... اني يمكن ما بحب الأضواء، أنا بس بخاف من العتمة.
تاريخ الإرسال: 2025-10-21 - 10:29:23
تمت الموافقة: 2025-10-21 13:29:32
عدد المشاهدات: 13

ردود الفعل

العودة إلى الصفحة الرئيسية

الإبلاغ عن الاعتراف

تم الإبلاغ عن الاعتراف بنجاح. شكراً لمساهمتك في تحسين الجودة.