اعتراف #ar_confessions_644

انا ما بنام بالليل متل الخلق، في صوت جواتي بيضل يصرخ كل ما اتذكر اللي عملتو قبل تسع سنين، يوم قررت بإيدي وبكل برود اني انهي الحمل... كنت حاسة اني ما بدي طفل ثالث، كنت مقتنعة انه عندي ولد وبنت وكفاية، وكنت خايفة من المسؤولية، من التعب، من المجهول، بس ما كنت فاهمة اني فعلاً عم ارتكب جريمة بحق مخلوق كان جواتي، مخلوق كان بيتنفس من نفسي وانا قررت أقطع عنه النفس... كنت حامل بشهري التاني، لما حسّيت بأعراض غريبة وطلعت حامل، أول شي نزلت دمعة، بس مو دمعة فرح، دمعة خوف وتوتر، قلبي كان مقبوض من فكرة انه في حياة جديدة جاية وانا مش جاهزة، حتى زوجي وقتها ما كان عارف، قلت لحالي “ما رح يعرف، وما رح يتأثر”، وفعلاً عملت كل شي بالخفى، كنت لحالي بالمطبخ يوم أخدت الحبوب اللي عطتني إياها وحدة من صديقاتي، قالتلي “شي طبيعي، نص البنات بيسووها، لا تكبّريها”، بس ما كانت تعرف شو يعني لما الدم يطلع من جسمك ومعاه قطعة من روحك.

بعدها بيومين حسّيت وجع ما بينوصف، جسديًا ونفسيًا، وضلّ وجعي مستمر أيام، بس الوجع اللي جوّاي بعدين كان أقوى من أي شي، صار كل ما أشوف طفل صغير، خصوصًا بعمر التسعة سنين تقريباً، بتخيل كيف كان ممكن يكون شكله، صوته، ضحكته، حتى كيف كان ممكن يركض بالبيت، يمكن كان يشبهني أو يشبه أبوه، يمكن كان رح يغيّر حياتي كلها، بس أنا ما عطيتو الفرصة حتى يجي عالدنيا...

اللي بيوجع أكتر انه ما حدا بيعرف، حتى زوجي ما بيعرف، بيحسب انه بعد البنت سكّرنا الموضوع لأننا اتفقنا نوقف، بس هو ما بيعرف انه أنا كنت السبب الحقيقي، وانه يمكن لما كان يسألني "ما ودِك بطفل ثالث؟" وانا أجاوب "لا خلاص، كفاية"، كنت جاوب وأنا فيني ذنب قاتل. كل مرة أروح على عزا أو أسمع حدا فقد طفله، بحس بخنقة غريبة، كأني أنا السبب بموته، مو لأنهم يعرفو قصتي، بس لأن ضميري بيذكرني باللي عملتو.

حتى بالدعاء ما بعرف شو أحكي، بخاف أطلب المغفرة لأن حاسة انه اللي سويتو ما إله مغفرة، بخاف أقول “يا رب سامحني” لأن بحس انه في روح صغيرة معلقة، يمكن واقفة عند باب الجنة عم تستناني تسألني “ليش يا ماما؟” وكل مرة بتخطرلي هالعبارة، بتنزل دموعي لحالي، بصمت، وأنا عم أضحك قدام الناس وأتصرف طبيعي، بس قلبي مش طبيعي من زمان.

أحيانًا بسمع صوت خيالي بيقوللي "أنا كنت ممكن أكون هون"، خصوصًا لما بشوف أولادي نايمين، بحس انه في واحد ناقص بينهم، في فراغ غريب ما بينحضن ولا بيتعوض، فراغ عمره تسع سنين، بس بيكبر معي كل يوم، وبالليل، لما الدنيا تسكت، بيصحى الضمير اللي ما مات، وبيحكي معي بصوت الجنين اللي ما عاش.
تاريخ الإرسال: 2025-10-22 - 07:28:32
تمت الموافقة: 2025-10-22 10:34:18
عدد المشاهدات: 9

ردود الفعل

العودة إلى الصفحة الرئيسية

الإبلاغ عن الاعتراف

تم الإبلاغ عن الاعتراف بنجاح. شكراً لمساهمتك في تحسين الجودة.