إعترافات سرية منصة توفر دعما نفسياً لكل صاحب تجربة , لكل باحث عن إجابة , لكل من يريد استفساراً .
اعتراف #ar_confessions_648
هحكيلك حاجه يمكن تبان تافهه بس بالنسبالي كانت غريبه اوي، انا فاكر يوم حصلتلي حاجه لحد دلوقتي مش قادر افهمها ولا اعرف ازاي حصلت، كنت راجع من الشغل متأخر جدًا، الساعه يمكن كانت واحده بعد نص الليل، والدنيا كانت فاضيه خالص، ركبت تاكسي من عند موقف العاشر، والسواق كان راجل كبير في السن كده ووشه هادي اوي، بس عيونه فيها لمعة غريبه، طول الطريق كان ساكت، وانا كمان مش قادر افتح كلام، كنت تعبان ومخنوق ومش طايق حد.
وفجأه الراجل بصلي ف المرايه وقاللي "انت فاكر نفسك تايه يا ابني؟"، قلتله "ها؟ تايه ازاي؟"، ضحك وقاللي "اللي بيهرب من نفسه مش بيلاقي طريق يرجع"، الكلمه دي حرفيًا جمدتني، لأن ولا انا حكيتله حاجه ولا هو يعرفني، بس الكلمه دي خبطت ف قلبي جامد، كأني كنت مستني حد يقولها. بعد شويه لقيته بيشغل إذاعه قرآن، الصوت كان رايق كده، والدنيا بره ساكته خالص، وانا حسيت إن الوقت وقف، مشينا حوالي عشر دقايق، وبعدين لقيت نفسي مش شايف الطريق اللي متعود عليه، يعني الشوارع شكلها غريب، مفيش محلات ولا ناس، بس هو ماشي بثقه كأنه حافظ كل لفه، ساعتها اتوترت وقلتله "باشا احنا فين كده؟"، قالي "ما تقلقش، هوصلّك مكانك بس خليك فاكر الكلام اللي قولتهولك".
لما وصلني، نزلت، دفعتله، بس لما التفت عشان أبص على التاكسي كان اختفى، قسم بالله اختفى، لا نور، لا صوت، ولا أي حاجه، كأني كنت بحلم، رجعت البيت مخضوض، طول الليل مش قادر أنام، وكل ما افتكر صوته بترتعش إيدي، وخصوصًا الجمله بتاعته “اللي بيهرب من نفسه مش بيلاقي طريق يرجع”، بعدها بأيام بدأت أراجع كل حاجه ف حياتي، شغلي اللي مش بحبه، علاقتي اللي بايظه، حتى صحابي اللي كنت بضحك معاهم غصب.
يمكن الحكاية دي بالنسبالك مجرد موقف، بس بالنسبالي كانت علامه، من بعدها بطلت أعيش حياتي كده بالعافيه، بطلت أمثل إني مبسوط، بطلت أهرب من نفسي، بقيت أتكلم مع نفسي بصدق، حتى لو وجعني الكلام، وبقيت لما أركب تاكسي متأخر أبص ف المرايه وافتكر الراجل ده، مش عارف كان حقيقي ولا لا، بس هو خلاني أشوف نفسي أول مره بوضوح، ودي بالنسبالي كانت أعجب صدفة حصلت ف عمري كله.