انا صرت اكره المرايه ببيتنا، مو عشان ما بحب وجهي بس عشان كل مره بشوف انعكاسي بحس اني شايف شخص الناس رافضاه من الاساس، يعني تخيل انك تمشي بين الناس وانت حاسس انو وجودك تقيل عليهم مو بسبب تصرفك ولا اخلاقك، بس لأنك "مش حلو"، لأنك سمين زيادة عن اللزوم، لأنك ما بتنفع تكون جزء من الصورة اللي الكل متعود يشوفها... انا ما اخترت جسمي، ما قررت أكون هيك، بس الناس بتتصرف معي كأني اللي عملت في حالي هيك غصب، كأني استاهل كل نظرة استغراب وكل همسة ورا ضهري.

حتى بأيام الجامعة كنت لما أطلب من الدكتور أو من مجموعة يشتغلوا معي بمشروع، دايمًا يلاقوا عذر، "المجموعة مليانة"، "الموضوع انحسم"، "احنا بلشنا من قبل"، بس لما يجي حدا تاني، نحيف، أنيق، نفس الطلب بتصير الأمور فجأة سهلة! طب ليه؟! أنا عقلي مش ناقص، صوتي مو نشاز، بس شكلي مو عاجبهم. حتى مره كنت داخل مقابلة تدريب، المدير طلع فيي من فوق لتحت وقاللي بابتسامة باردة "رح نتواصل معك"، وانا بعرف انه ما رح يتواصلوا، مو لأنو مش مناسب، بس لأنهم ما شافوا الشكل اللي بحبوه على مكتبهم.

اللي بيحرق قلبي مش بس الرفض، هو الإحساس اني مش مسموح إلي أكون طبيعي، يعني لو أضحك بيحكوا عني "شوف الثقة الكذابة"، ولو أكلت "أكيد مش شبعان"، ولو لبست منيح "عم بتجمل"، حتى لما أمشي بخط مستقيم في الشارع بحس العيون كلها عليّ، مش إعجاب، لا، نظرات استهزاء مغطاة بابتسامة نص كم.

الناس ما بتتخيل قديش السمنة وجع نفسي قبل ما تكون جسدي، ما بتعرف شو يعني تلبس تيابك وتحسها حرب بينك وبين نفسك، أو كل مره تحاول تبدأ دايت وتخسر إرادتك مش لأنك كسول، بس لأنك منهك من محاولات إنك تكون مقبول، مش مميز، بس مقبول بس.

انا ما بدي حدا يحبني من باب الشفقة، ولا بدي حدا يجاملني ويحكيلي "انت مش هيك متين بالعكس حلو"، لا بدي الصدق، بس بدون قسوة، بدون نظرات تذبح، بدون تعامل وكأني اخترت أكون هيك. بدي الناس تفهم انو السمنة مش تهمة، والبشاعة مش خطيئة، وان الواحد ما لازم يكون "موديل" عشان يكون إنسان يستحق الاحترام، أو حتى أبسط شي... مكان بين الناس بدون ما يتحاكم على شكله.